السعادة
الإطار العام للدرس :
تنتمي السعادة لمبحث القیم الذي أولا الفلاسفة المسلمون اهتماما خاصا لذلك فإن اختبا ا رت تناول المفهوم من منضور فكر فلسفي إسلامي أمثلة الرغبة بالتعرف على الث ا رث الاسلامي من جهة ونظ ا ر لخصوبة والش ا رء (الحق) الذي یمیز فلاسفة
الاسلام بتناولهم لهذا المفهوم من زوایا مختلفة عبرت عنها تصو ا رتهم المتبانیة معرفیا ومینافیزفیا وقیمیا وهكذا یمكن معالجة هذا المفهوم إلى مستویین – مستوى كیفي ویتعلق بطبیعة السعادة من حیث مدى مادتها أو عقلیتها أو وجدانیتها – مستوى
الذات ومدى فردیتها وجماعیتها أي الطبیعة العملیة والعلادقیة للسعادة .
I-من الدلالات إلى الاشكالیة :
1) الدلالة العامة :
إذا تأملنا في كل التمثلات التي یعطیها عامة الناس لمفهوم السعادة فإننا نجدها لاتتجاوز المدلول المادي الذي یتجه إلى الإرضاء والاشباع الحسي الشيء الذي یفرض علینا التساؤل إن كان المطلب مادي لتحقیق السعادة؟
2) الدلالة اللغویة:
ورد في لسان العرب لابن منضور أن الجدر الثلاثى سحد تسثنفا منه ثلاث ألفاظ تشترك في نفس المغنى : الساعد – السعدان والسعد، فلما عدا الإنسان د ا رعا مساعدا القبلیة رئیسها وسائد المزرعة نهر الذي تربوي منه أمام لفظ السعدان فیدل على تباث من أطیب ف ا رعي الإبل مادام ربط + أما لفظ السعد فیدل على الطیب بال ا رئحة الزكیة.
من هذا التعریف معنین إثنین الحفاظ في البعد المادي (الإرضاء والإشباع والارتواد) ثم توسیعه للإضافة بعد جدید هو حسن التدبیر والرئاسة من خلال العقل فساعد القبیلة ورشدها مدیر لشؤونها أي عقلها، الذي لدیوسها وهناك لایمكن تصور السعادة منذ الغبار بدون اجتماع وبدون عقل یدیل هذا الاجتماع مما یدفعنا إلى التساؤل ؟ ماهو أساس السعادة هل العقل أم الحس ؟ .
3 - الدلالة الفلسفیة :
ترتبط السعادة في الفلسفة مع مجموعة من المفاهیم الأخلاقیة مثل المیز، العدل، العقل... كما تتحدد في المقابل الشر، الظلم، القبح وبشكل عام تعرف السعادة على أنها "حالة إرضاء إشباع وارتیاح "الذات تتسم بالقوة والنبات وتتمیز عن الذي – تستنتج من هذه التعاریف السابقة أن السعادة تتخد في بعدین : - بعد یرتبط بطبیعة ذلك الإرضاء هل
هو مادي أم عقلاني وبعد یرتبط بالكاتب العقلاني الإجتماعي للذات هكذا یمكن طرح من التساؤلات ماطبیعة ذلك الإرضاء؟ هل هو مادي غ ا رئزي أم عقلي ؟ هل السعادة تتحقق بالإتساع ورغبات الجسد ؟ أم تلبیة مطالبة العقل ؟ أم أن الأمم تتجاوز ذلك لترتبط كحاجیات الروح ؟ بتعبیر آخر هل السعادة روبیة وجدانیة أم هي عقلیة خالصة ؟ ماهو الطریق الصحیح ؟ هل هو طریق العقل والحكمة الفلسفیة ؟ أم هو طریق الوجد والعرفان ؟ هل یمكن فصلها عن الفرح واللذة ؟ ومن ثم هل هي لحظیة آنیة أم دائمة ومستمرة ؟ هل تتحقق السعادة وفق اختبار ووجود فردي ؟ أم أن الوصل إلیها بدعم الجماعة التي ینتمي إلیها.
II -السعادة بین إرضاء الرغبات البدن وتحقیق مطالب العقل:
تمهید :
یندرج التفكیر في موضوع السعادة ضمن سیاق فلسفي أفلاطوني أرسطي ینتصر النفس على الجسد حیث یعلن من شأن النفس العاقلة بینما یتم احتفار البدن والنفس الشهویة.
الإشكالیة فما هو أساس السعادة ؟ هل تتحقق السعادة بإشباع رغبات البدن ؟ وإذا كان الأمر كذلك فما الذي سیمیزالإنسان من الحیوان ؟ ألا یمكن القول أن السعادة البدنیة ا زئلة وفانیة ؟ وبالتالي فإن السعادة لاتتحقق إلى بتحصیل العلوم والمعارف ؟ بتعبیر آخر ألیست السعادة التي تتحقق في العقل أبقى وأشد من شهوات التفس ؟ وماهي الوسیلة لتحقیقها حل من خلال نهج طریق الفلسفة والحكمة أم من خلال طریق الاس ا رف والتصوف.
ا) مجزال بین الرازي یرفض الرازي الموقف الذي یعرف السعادة بنصفها لإرخاء الغرائز وإشباع للشهوات فالسعادة لاتحقق بإرضاء الشهوات لأن الحیوان یشارك الإنسان فیها إذ لیس للإنسان فیها فضل عن الحیوان بل إنه أقوى من الإنسان في
هذا الباب كما أن اللذة الحسیة لیست من التملات بل هي ناتجة عن الحاجة التي هي دینیة وبهیمیة وبالتالي فإن فضیلة الإنسان التي تتحقق بها سعادته هي في تحصیل العلوم المعارف والأخلاق النبیلة لا بالأكل والشرب .
1) ابن مسكویة :
وقد رفض ابن مسكویة من جهة اختز ا ل السعادة في إشباع الملذات الحسیة واصفا من یتبنى هذا الموقف بالبهیمیة والرعاع الذین سیجدون النفس الشریفة (العاقلة) ویجعلونها في خدمة النفس الشهویة، وفي المقابل یعني مسكویة من شأن السعادة العقلیة لأنها سعادة (شریفة لاتمل) على حد قوله، سعادة تتمیز بالكمال والتمام، یختص بها الإنسان وحده
باعتباره كائنا یتمیز عن سائر الكائنات بالعقل، الشيء الذي بحل السعادة لاتكون لغیر العاقلین، وجعل أنبل الناس وأكثرهم حظا من كان نصیبه من النفس العاقلة أكثر وانص ا رفه إلیها أتم وأوفر. ولن یتحقق التمال الإنساني إلا بالوجود القوتین :
- القوة العالمة:
یتم من خلالها تحصیل العلوم والمعارف ویعتبر العلم الإلاهي أرقى هذه العلوم. حیث یتحقق الكمال النظري.
- القوة العاملة :
وهي التي تقوم بالتدبیر الأخلاقي لأفعال الناس حتى تتنظم أمورهم ویصلح شأنهم وهي التي تحقق التمال العملي. فإذا اجتمع هذان الكریمان فقد تحققت السعادة القسوى وتحقق كمال الإنسان واستحق أن یلقب بالحكیم أو الفیلسوف.
خلاصة :
ینتهي الفلاسفة المسلمون إلى برط السعادة بالأعمال العقلي وتحقیق اللذة العقلیة فهي أعلى شأنا وأرفع مقاما من اللذة البدنیة الذي تبقى محتقرة ومهمشة. لكن ماهو موضوع السعادة العقلیة وماهو طریقها ؟ .تكمن فضیلة النفس العاقلة التي تتحقق من خلالها سعادتها في التشوق إلى العلوم والمعارف وبحسب إسراره في طلبها والتدرج في تحصیلها بحیث تكون المعرفة الإلاهیة أسمى درجات المعرفة حیث یتحقق الكمال الإنساني، فإذا وصل الإنسان إلى هذه المرتبة فقد وصل إلى آخر السعادات وأقصاها أبو نصر الفرابي .
یرى الفرابي السعادة إنما تنال بالأشیاء الجمیلة وهذه الأخیرة لاتصبر ممكنة إلا بصناعة الفلسفة والتي تحصل بجودة التمییز وقوة الإد ا رك الذي من خلاله نمیز بین الحق والباطل وبالصناعة التي تعنینا على ذلك هي صناعة المنطق الذي
تقف عند الحق فتعتنقه ویقف عند الباطل فنتجنبه وبذلك تكون الفلسفة حسب الف ا ربي هي السبیل الوحید لنیل السعادة باعتبارها أعظم الخی ا رت وأكمل الغابات التي یتشوق لها إنسان.
- طریق المصوف : یرى أتباع هذا المذهب أن السعادة هي سعادة القلب والروح.
ففیها تنكشف الحقیقة الإلاهیة وتتحقق المشاهدة القلبیة لا العقلیة في الحصرة ویتحقق الإتصال في الذات الربانیة والفناء فیها ذلك أن المتوصفة هم أولیاء الله والعارفون به والمنقطعون إلیه الذین تعلقت إ ا ردتهم بمحبته ومشاهدته بالقلوب تمثل إذن لحظة اكتشاف الأس ا رر الإلاهیة في إحدى تجلیاتها عند المتوصفة .
مقدمة :
یتحدث النص هو لصاحبه الفیلسوف الإسلامي ابن مسكویة المعروف باهتمامه بالأخلاق وله كتاب في هذا المجال سماه تحدید الأخلاق وتطهیر الأع ا رق الذي طرح فیه وجهة نظره حول دور الأخلاق في تهدید السلوك الإنساني من أجل تحقیق
كمال الإنسان وسعادته وهو یقدم في هذا النص أطر وحته حول موضوع السعادة متسائلا عن السبل المؤدیة إلى كمال الإنسان وسعادته، وهو یقدم في هذا النص أطروحته حول موضوع السعادة متسائلا، عن السبل المؤدیة إلى كمال الإنسان وسعادته، هل تتحقق السعادة من خلال الزهد في متاع الدنیا واعتدال الناس وعدم مخالطتهم ؟ وفي هذه الحالة كیف تظهر الفضیلة التي بدونها لاتتحقق السعادة ؟ كیف نمیز بین الخیر والشر بغیات الجماعة ؟ كیف نتعلم الفضائل الإنسانیة، الإجتماعیة بدون مخالطة الناس ؟ ألا یمكن القول أن الفضیلة التي بها تنال السعادة لاتظهر إلا بملازمة الناس والإجتماع بهم ؟ .
یرى مسكویة أن العفة الفضیلة مثل العفة والسخاء والعدل التي هي أساس السعادة لایمكن أن تظهر في الزهد والخلوة والاغت ا زل الناس في المغا ا زت والجبال ذلك أن من لم یخالف الناس وسیاكنهم تكون أفعاله مثل أفعال الموتى لایمكن وصفها لا بالخیر ولا بالشر وعلیه یعتقد مسكویة أن الفضلیة التي تصل بها إلى آخر السعادات حیث یتحقق كمال الإنسان لاتتم إلا بمشاركة الناس ومساكنتهم وقد قسم النص إلى فقرتین تحدث في الفقرة الأولى عن الموقف الصوفي الذي یمیل إلى الزهد والعزلة مبینا أسباب رفضه لهذا الموقف أما في الفقرة الثانیة فقد طرح فیها تصوره للسعادة الذي یقوم على أساس
الأعمال الفاضلة والتي لن تتحقق إلا من خلال الإجتماع بالناس ومعاشرتهم وقد بدأ الكاتب نصه سؤال شنكاري الهدف منه هو ضغط الموقف الصوفي مستعملا مجموعة من الصیغ والروابط النمط فیه مثل أدوات الإستنتاج إذن ولذلك وأدوات التأكید بل والنفي لیست من لم، أدوات الشرط، إما، إ ا ز، إنما، كما استعمل التشبیه حینما شبه سلوك المتصوفة بسلوك الموتى والجمادات .
2 - الفرابي :
یرى الفرابي من جهته أن كل إنسان محتاج لتدبیر قوامهم وبلوغ أفضل كمالاته إلى جماعة یقوم كل واحد منهم بشيء مما یحتاج إلیه فلایمكن للإنسان أن ینال كماله وسعادته إلا بالإجتماع بجماعة یسودها التعاون والتآزر یسمى الف ا ربي هذا النوع من الإجتماع الذي یتعاون على نیل السعادة "الإجتماع الفاضل" أما الجماعة التي یقصد الإجتماع فیها
التعاون للضفر بالسعادة "المدینة الفاضلة" فهي بمثابة الجسد من جسم الإنسان الذي یتكون من أعضاء مختلفة تتعاون على حفظ توازن الجسد وصفان بقاءه، فكذلك الشأن بالنسبة للجماعة التي لاغنى لأعضاءها عن التعاون والتآزر لنیل السعادة ولكي تكون هذه الجماعة فاضلة لا بد أن یقودها حاكم فاضل یجمع بین فضیلتي الحكمة والشریعة.
خلاصة :
نستخلص إذن أن الإختیار العقلاني والاجتماعي والمدني القائم على الإجتماع والتعاون هو طریق تحصیل السعادة في الأرض عند مسكویة والفرابي .
خاتمة :
هناك 3 خلاصات یمكن الخروج بها من هذا الدرس :
- أن السعادة لاتتحقق إلا في العقل وهو الموقف الذي یمثله الفلاسفة المسلمین المتأثرین بالموروث الفلسفي الیوناني.
- أن السعادة لاتتحقق إلا تلبیة مطالب القلب والروح وهو اتجاه المصوفة أو الصوفي.
- أن السعادة لاتتحقق بالعزلة والاختلاء وإنما بالإجتماع والتعاون.
0 التعليقات:
إرسال تعليق